الثلاثاء، 21 مايو 2013

لتذهب الحقيقة الى الجحيم



الثقافة مصطلح غير واضح المعالم ، تتعدد تعريفاته و تتقاطع و لكنها رغم ذلك تترك انطباعا إيجابيا و تنويريا  لدى المتلقي.

ينسحب الإبهام و الغموض على تعريف المثقف ، يختلط احيانا بالمتعلم ، و بصاحب الشهادة و كل  من نجح في تحصيل كم معرفي مهما كان نوعه او شكله .


إن  معظم التعريفات* المختلفة تتفق على مجموعة نقاط أهمها :

 ـ  النقد و التحليل الهادف الى بلوغ نظام اكثر انسانية و عدلا.

-        تمثيله لقوى اجتماعية تدفع بالمجتمع الى التطور .

-        درجة من الالتزام السياسي و الفكري تجاه المجتمع.

تذكرت هذه النقاط و انا أتابع مقال الاستاذ محمد يحظيه ولد بريد الذي يبداه بالثناء على النظام  و انجازاته التي يدخل نكرانها في اطار "المكابرة " لينتقل الى توصيف و تحليل أسباب "القلق" المنتشر على مصير الدولة و المجتمع ليصل الى نتائج فريدة لهذا السبب تتلخص  في  "قلة السكان وهشاشة التشكلة وضعف تناسق وتناغم الأحاسيس والوعي" .

ينتقل في تحليله الى اسباب اخرى منها ان "الكيان " الموريتاني "ليس من صنعنا وليس من اختيارنا، وانما هو من صنع ومن اختيار الاستعمار الفرنسي"

و اما النقطة الثالثة فهي الفهم المغلوط للديمقراطية و اطلاق "العنان للكلام بدون حدود أو قيود من الشتم البذيء إلى السب المجاني في شبه "كرنافال" دائم للسفسطة".

المغالطة في هذا الطرح تكذبه مئات الشواهد الحية فالعديد من الدول استطاعت تأسيس تجارب ناجحة رغم توفر نفس الشروط:

في افريقيا نجد تجربة جزيرة موريس التي حصلت على استقلالها بمنحة من المستعمر في سنة 1968  و يبلغ سكانها ربع سكان موريتانيا و لا تتجاوز مساحتها الألفي كيلومتر مربع و تشهد تنوعا سكانيا يتنوع بين الكريول و التاميل  و الصينين و أديان منها المسيحية و البوذية و الاسلام رغم ذلك  يصل انتاجها القومي الى 12 ضعفا من الانتاج القومي لموريتانيا.

في اوروبا نجد تجربة مماثلة في امارة اللكسمبورغ التي لا تتجاوز مساحتها مساحة مدينة نواكشوط و يبلغ سكانها ربع سكان موريتانيا و حصلت على الاستقلال بمنحة من القوى العظمى بعد مؤتمر فينا 1815 و مع ذلك يبلغ دخل الفرد السنوي  فيها 78 الف دولار.

و في آسيا نجد سنغافورة التي منحت الاستقلال في سنة 1965 التي يبلغ سكانها ثلاثة ملايين و نصف و تتعدد اعراقها بين الصينيين و المالاي و الهنود و أعراق اخرى وديانات منها الكنفشيوسية و البوذية و الاسلام و المسيحية و الطاوية  و يبلغ انتاجها الخام 258 ضعفا لإنتاجنا في موريتانيا.



الفرق الوحيد بين كل هذ الدول و موريتانيا توفرنا على ثروات طبيعية لا تمتلكها هذه البلدان مجتمعة و مساحة تفوقها بمئات المرات.

أما الحديث  عن الهجرات لدولة المرابطين و أولاد أمبارك فلا تقدم حجة منطقية تفيد باستحالة تأسيس الدولة ، فنقل مركز الدولة الاسلامية من الجزيرة العربية باتجاه كل من الشام لا يمكن ان يكون دليلا على استحالة تأسيس المملكة العربية السعودية و لا انتقال مركزها من الشام الى العراق دليل على استحالة نجاح دولة سوريا ، و لا انتقال مركز الخلافة الفاطمية من تونس الى مصر يمكنه اقناعنا بضرورة فشل الدولة التونسية .

اما الفهم المغلوط للديمقراطية  و الحديث عن  الانحراف بالدمقراطية نحو السباب و الشتم فمن الظريف التذكير بأن الاتهامات بالشذوذ الجنسي التي اطلقها مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا على خصمه انور محمد لم تقد ابدا الى انهيار التجربة الماليزية الرائدة التي نجحت في خلق اقتصاد بلغ انتاجه السنوي 422 مليار دولار ، علما ان ماليزيا منحت هي  الأخرى الاستقلال هدية من التاج البريطاني في سنة 1957.

الخطير هو البذائة المقرونة بأنظمة الفساد و الظلم و تحوير الحقائق لإرضاء حثالة  من الجهلة و اللصوص  و الافتراء على الناس وقذفهم بتهم باطلة   كما عرفنا في البرنامج السيئ الصيت "جرائم و اغلاط النظام البائد " المتخصص في شتم و سب الرئيس المختار ولد داداه و اتهامه بأبشع الاوصاف و النعوت الذي أبدعته  مخيلة وزير الاعلام الموريتاني محمد يحظيه ولد ابريد الليل و الذي فشل في اقناع الموريتانيين بأفضلية كل الأنظمة العسكرية المتعاقبة على الحكم حتى الآن على نظام المرحوم المختار ولد داداه.

المشكلة الحقيقية للموريتانيا هي أبناؤها ممن تلقوا قدرا كبيرا من التعليم  و الفهم و يفترض ان يكونوا روادها في رحلتها نحو النماء والازدهار و الحرية.

الكارثة أن هؤلاء لم يستطيعوا الوصول الى المرحلة التي يمكن توصيفهم بصفة المثقف حسب التعريفات العلمية البحتة مذكرين بشخصية الشيطان في ثقافتنا الإسلامية الذي لا يمكن تعريفه بالمثقف رغم ذكائه الحاد و معرفته الهائلة التي يرجع معظمها لحضوره المستمر في كل التفاصيل بدأ من لحظة الخليقة.

فالشرط الاول من تعريف المثقف  توفر الفهم النقد و التحليل الهادف الى بلوغ نظام اكثر انسانية و عدلا ينتفي عن جلهم ، فالأستاذ و ان امتلك درجة كبيرة من النقد و التحليل الا انه لم يكن ابدا بقصد بلوغ الانسانية و العدل ، فهو من غير شك  أحد كبار المنظرين للفكر العنصري و الإقصائي الذي ادى بنا الى كارثة الاحداث العرقية الأليمة.

أما شرط تمثيل قوى اجتماعية تدفع الى التطور ، فيستحيل توفره في من افنى عمره في محاولة اعادة فكر شمولي يقوم على الزعيم الأوحد و القائد الفرد و تكميم الأفواه و التشكيك في قيم الديمقراطية مما  قاد كل الدول التي تبنته الى دمار شامل فاق كل خيال. .

أما الالتزام السياسي و الاجتماعي فتكفي لنفيه  نبذة من مقال سابق*** لولد ابريد الليل يصف فيها تحريف معنى الانقلابي في أدبيات حزب البعث في حوار مع معاوية ولد سيد احمد الطائع  انتهى بتعيينه مديرا للخطوط الموريتانية  بعد تبرير طويل حول مشكلة ديون "البوتيك" و الخوف من الهجرة و التأفف عن الأعمال التي لا تليق بالمثقف :

  " في النهاية أعطى الجواب الذي يتوقعه ويريده معاوية: بلى، ولتذهب الحقيقة إلى الجحيم. وهكذا استطاع الخروج من المأزق ببراعة ".

يا سلام على العظمة و الروعة و المنطق والمبدئية......

تجنب الاستاذ نظام ولد عبد العزيز و ربأ بنفسه عن السقوط في هوة التزلف فترة طويلة  ، بل نقل عنه نقد لاذع للجنرال عبر اكثر من مصدر من مقربيه  و فجأة تغير الحال بعد مطالبته بإرجاع مبلغ عشرين مليون*** اوقية من صندوق الضمان الاجتماعي ، و خرج علينا بسلسلة مقالات تمجد نظام ولد عبد العزيز و تمارس التجريح من الراحل  المختار ولد داداه بحجج عجيبة **** باذلا كل الجهد للتشكيك في خيار إنشاء الدولة الموريتانية التي يصر على تسميتها "بالكيان" ، فهل هي يا ترى طريقة للخروج من المأزق ببراعة؟!

٭ تعريف الثقافة

٭٭ مقال موريتانيا و أزواد

٭٭٭مطالبة ولد بريد الليل بإرجاع مبلغ عشرين مليون


٭٭٭٭من اغرب حجج ولد بريد الليل في التهجم على المختار ولد داداه في سلسلة  موريتانيا و ازواد ان رفضه لمشروع تقسيم الجزائر و انشاء كيان يقتطع  ثلثي مساحتها و يدمجها في كيان فرانكفوني جنوب الصحراء و الذي رفضه كل مناصري الثورة الجزائرية ، ان المختار ولد داداه فهم " ان لا مكان لطموحاته الشخصية في هذا الكيان الضخم" ......و لم ينقصه الا ان يبرر رفضه لإنشاء الكيان الصهيوني ودعمه للقضية الفلسطينية  بأن الصهاينة لم يعرضوا  عليه منصبا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون