لن اكذبكم ، لم أكن في طفولتي حسن الأخلاق و لا مجتهدا في الدراسة و لكن اتذكر صفة حميدة اكتسبتها من بلاد الشام
التي عشت فيها جل صباي.
كنت أقف مع ابناء الحي يوم
الجمعة على سلم المسجد و أمامنا ملائة
بيضاء كبيرة نجمع فيها التبرعات للإيتام و الفقراء و بناء دور العبادة.
كان اصدقائي من المشهود لهم بالشقاوة و الطيش .. لكننا رغم ذلك لم نمد
يدنا مرة الى أموال التبرعات مع اننا لم نكن نتردد في السطو على جيوب ابائنا و
محافظ امهاتنا أو على قنينة مشروبات و قطعة شوكولا من المحلات المجاورة.
كنا نحترم المسجد و نجل
الإمام و نبادر الى تقبيل يديه بمجرد رؤيته...
اتذكر مرة انني كنت مع الوالد في احد الأعياد الدينية بالمسجد الأموي و
بعد انتهاء الصلاة سرت خلفه للسلام على مفتي
سوريا و بمجرد وصولي اليه مد لي يده بشكل أفقي، فأمسكتها و هززتها ، فضحك و سألني
عن بلدي...
عرف مباشرة انني غريب ، لأن أطفال الشام في سني يقبلون ايدي الأئمة والعلماء.
طبعا لم اكن اجرؤ على نفس التصرف لو كنت مع عصبة اصدقائي ، فهم صغار
العقول و ربما يتهمونني بالكفر بالله و الرسول و يطلقون الإشاعات في كل الأحياء المجاورة
عن الموريتاني الملعون.
آه لو تعرفون مدى الألم الذي ينتابني الآن عندما اشاهد رجل دين يمارس
النفاق ، احس انه يسرق أجمل ما في طفولتي ، اقدس الأشياء في حياتي ، أحس انه تاجر
نخاسة يبيع آلام بلال و دماء سمية و شيب
ابي بكر و أحزان علي ودموع اليتيم الفقير الذي غير وجه التاريخ بالحب و الرحمة صلوات
الله عليه و على آله الطيبين الطاهرين و اصحابه الغر الميامين.