ينقم الكثير من المبتلين بالأنظمة الانقلابية على العسكر و العسكريين و يرى أن العسكر بالإجمال قوم بدائيون و دكتاتوريون و سيئون ، وبإمكان القارئ للتاريخ أن يجد الكثير من الصفحات المشرقة في تاريخ العسكر ،كما يجد أيضا صفحات مظلمة و داكنة يتمنى لو ينتزعها ، ولكن التاريخ يبقى بإشراقاته المتجلية و بأحلك صفحاته المظلمة تاريخا ، يمكننا إعادة قراءته و التعلم منه لا أكثر .
في سنة 1975 توفي في موسكو جورجي جوكوف ، و في يوم دفنه خرج الملايين من السوفييت يبكون بحرقة هذا الرجل الفذ الذي قدم لبلاده الكثير .
دخل الجندي جورجي جوكوف الجيش الروسي سنة 1915 كجندي في الوحدة 106 من سلاح الفرسان ، و دخل الحرب العالمية الأولى ليظهر من اليوم الأول شجاعة ملفتة و بسالة منقطعة النظير لتتم ترقيته بعد فترة و جيزة إلى ضابط صف و ليحصل و بكل جدارة على وسام سان جورج مرتين ، أحد أعلى الأوسمة في روسيا القيصرية .
بعد انطلاق الثورة البلشفية شارك ضابط الصف جوكوف في الحرب الأهلية الروسية بين عامي 1918 -1921 و انتقل في هذه الحرب إلى الفوج 1 فرسان الذي استطاع إخضاع تومبوف أحد أقوى المتمردين ضد الثورة ليحصل على الوسام الأحمر و ترقية رتبته مكافأة له على انجازاته.
بين سنتي 1938 و 1939 دخل الجيش الأحمر حربا غير معلنة على الحدود السوفيتية اليابانية و وصلت القوات اليابانية في هذه المعارك إلى 80 ألفا و 180 دبابة و 450 طائرة و في يوم 15 أغسطس 1938 استطاع جوكوف تطويق القوات اليابانية و القضاء عليـها و حصل على وسام بطل الاتحاد السوفييتي مكافئة له .
في سنة 1941 دخل الاتحاد السوفييتي الحرب العالمية الثانية ـ الحرب الوطنية العظمى كما يسميها السوفييت ـ وكان صاحبنا آن ذاك حصل على رتبة جنرال ليصبح مع بداية الحرب نائب القائد العام للأركان الماريشال بوريس شاباشينكوف و الذي كلفه سنة 1942 بالقتال في ستالينغراد و استطاع جوكوف ان يحقق نصرا على القوات الألمانية ليحصل للمرة الثانية على وسام بطل الاتحاد السوفيتي .
في سنة 1943 كلف جوكوف بالتخطيط لمعركة كورسك و توجه لقيادة المعركة قبل أيام قليلة من بدايتها و استطاع جوكوف أن يحقق نصرا كاسحا على القوات الألمانية و تعتبر معركة كورسك المعركة المفصلية في الحرب العالمية الثانية و أول هزيمة ساحقة للجيش الألماني ليكافأ للمرة الثالثة بوسام بطل الاتحاد السوفييتي .
استمر جوكوف في الانتقال من نصر إلى نصر فاستطاع فك الحصار عن لينينغراد بعد فشل الماريشال فوروشيلوف في انقاذ المدينة ، واستمر في قيادة الجبهة حتى استطاع دخول برلين عاصمة الرايخ و حضر توقيع استسلام ألمانيا كممثل للجيش الأحمر .
خرج جوكوف من الحرب و قد حصل على رتبة المارشال
و وسام بطل الاتحاد السوفييتي أربع مرات ، ووسام لينين ستة مرات و العديد من الأوسمة الأخرى كما أهداه الاتحاد السوفييتي ساعة ذهبية و شقة من غرفتين في حي راق من أحياء موسكو .
دخل برنارد مونتغمري المدرسة العسكرية الملكية سانت هيرست ، وهو في الرابعة عشر من العمر ، و تخرج من المدرسة العسكرية برتبة ملازم في الفرقة الملكية الأولى ، و أرسل للعمل في الهند حتى سنة 1913 .
و في شهر أغسطس 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى ليتم إرسال مونتغمري إلى الجبهة الفرنسية على خط النار ، ليصاب في المعارك الأولى بطلقة قناص في الرئة اليسرى ووصفت حالته بالميئوس منها ، إلا أنه تعافى بشكل تدريجي ليعود في 1916 إلى الجبهة الغربية كضابط في قيادة العمليات ، و بفضل توجيهاته و خططه التي أبدع فيها بالمزاوجة بين المشاة و المدفعية استطاع تحقيق انتصارات كبيرة أذهلت قائده المباشر الجنرال بليمر .
شارك صاحبنا في معركة ليز و معركة ليسن و حقق فيهما انتصارات مبهرة و كوفئ في نهاية الحرب بقيادة أركان الفرقة 47 مع ترقية رتبته كما شُرّف بأخذ صورة مع رئيس الوزراء في عرض عسكري بمناسبة هزيمة الألمان ،كما منح وسام النصر لقيادته الفعالة و الشجاعة .
بين الحربين العالميتين ألف مونتغمري العديد من الدراسات العسكرية لخص فيها الدروس المستقاة من الحرب ، كما تابع الدراسة العسكرية في كامبرلي ليتخرج الأول على دفعته في نهاية 1920 .
وتوجه بعد ذلك إلى كورك في ايرلندا و استطاع أن يحقق انتصارات على حركة الجيش الجمهوري الأيرلندي المتمردة .
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية قاد الفرقة الثالثة و استطاع الانسحاب باحترافية عالية من الهجوم الألماني الأول على بلجيكا و وصل إلى دنكرك ليسحب قواته بحرا إلى بريطانيا بخسائر قليلة .
سنة 1942 توجه مونتغمري إلى شمال إفريقيا كقائد للفرقة الثامنة ، وكانت مهمته الأساسية إيقاف الهجوم الألماني بقيادة مفخرة العسكرية الألمانية الفيلد مارشال أروين رومل ، وكان هدف الألمان هو الوصول إلى منابع النفط في العراق و إيران و السيطرة على قناة السويس أهم المعابر لنقل المؤن إلى قوات الحلفاء في شرق آسيا و التي تواجه الهجوم الياباني .
في31 أغسطس 1942 تقابل مونتغمري مع القوات الألمانية بقيادة رومل في منطقة الحلفا قرب العلمين شرق مصر و استطاع مونتغمري التصدي للهجوم الألماني و دفع قوات رومل للانسحاب نحو الغرب .
لم تتحمل القيادة الألمانية الصدمة و أعادت الكرة 23 أكتوبر 1942 في نفس المنطقة ، إلا أن مونتغمري استطاع تدمير قوات رومل في معركة استمرت 12 يوما وعرفت في التاريخ باسم معركة العلمين الثانية و انتهت بذلك أحلام هتلر بنفط الشرق الأوسط و بقناة السويس .
اثر هذه المعركة رقي صاحبنا إلى رتبة جنرال وشرف بوسام "فارس المغطس" أحد أرقى الأوسمة البريطانية .
كما لعب صاحبنا دورا كبيرا في التهيئة لمعركة مالطا تلك الجزيرة الصغيرة في البحر المتوسط و التي مكنت السيطرة عليها من حرمان دول المحور من الحركة في هذا البحر و بالتالي قطع الإمدادات عن ايطاليا الحليفة لهتلر و قطعت المؤن عن القوات الألمانية في شمال إفريقيا .
لم يكتف صاحبنا بهذا النصر بل عاد إلى بريطانيا لقيادة المجموعة 21 التي جمعت كل قوات الحلفاء البرية و بدأ التحضير للعملية "أوفر لورد " و المعروفة بعملية إنزال النورماندي.
وفعلا في يوم 6 يونيو 1944 بدأ الإنزال على النورماندي بحرا وجوا في ملحمة خالدة ، عرفت بأطول يوم في التاريخ ، و انتهت هذه المعركة بنصر للحلفاء أنهى تماما الوجود الألماني في فرنسا .
وعند عودته بريطانيا من الحرب وجد منزله مهدما من القصف الألماني و طلب من الدولة بنائه لأنه لا يملك المال ، إلا أن الدولة رفضت الطلب بحجة أنها لا تستطيع تحمل نفقات بناء البيوت المهدمة و أنه فرد من أفراد الشعب و عليه أن يتحمل ما تحمله الآخرون و أعرب مونتغمري لاحقا عن ندمه الشديد على هذا الطلب .
ويروي مونتغمري في مذكراته أنه قبل تقاعده بأيام فوجئ بفاتورة كهرباء كبيرة لا يستطيع تحملها فما كان منه إلا أن ارتدى بزته العسكرية و أوسمته و نياشينه و توجه إلى شركة الكهرباء ليطلب تقسيط الفاتورة على أشهر و قبل مسئول الشركة بعد مفاوضات شاقة تقسيط الفاتورة ، نظرا لتاريخ مونتغمري ، و يصف صاحبنا هذه الحادثة بآخر معركة في تاريخه العسكري .
هذه صفحات من كتاب التاريخ ، تاريخ العسكرية لشخصين تركا أثرا لا يمحى ، ماتا و عاشا يحققان الانتصارات و يحصدان المجد ، ويرضيان بالقليل .
ولكن السؤال لماذا نرى بعض عسكرنا رغم مستواهم المنخفض و تاريخهم الباهت ،يمنون على الشعب يمنة ويسرة و لا يرضيهم سوى أن يتملكوا كل شيئ ؟
ولننظر قليلا في هذه "الانجازات" .
فهم من قاد معركة الثامن من يونيو 2003 ـ و التي شهدت بأم عيني من قرب البنك المركزي مع الجماهير المحتشدة ـ كيف فروا من أرض المعركة لا يلون على شيء و شاهدت البنادق مرمية على قارعة الطريق ، و الجماهير تدخل الرئاسة لتحمل ما خف وزنه و غلا ثمنه و لم يبدأ القادة في القتال الفعلي إلا أن قرر الفرسان الانسحاب بعد أن اختفاء ولد الطائع الذي كان الهدف المحوري لخطتهم.
و أما انجازهم الثاني فهو إسقاط ولد الطائع ـ الذي زعموا أنهم دافعوا عنه قبل سنتين ـ و ماذا تغير حتى انقلبوا عليه ؟
لقد قرر معاوية إرسالهم للدفاع عن الوطن بعد عملية الجماعة السلفية في لمغيطي وهنا و بقدرة قادر أصبح ولد الطائع رجلا فاسدا و جلبوا أعلي ولد محمد فال .
أما الإنجاز الثالث الذي خاضه قادتنا فهو معركة تنصيب سيدي و ولد الشيخ عبد الله و لا شك في أنهم أبدعوا ، فلم يبقى شيخ قبيلة إلا واجبروه بالرشوة طورا و بالتهديد أطوارا و لم يتركوا رجل أعمال إلا و ابتزوه حتى أعطى و فرائصه ترتعد خوفا ، و استطاعوا بمناورة فذة استقطاب شخصيات من نوع مسعود ولد بلخير، و في النهاية نجحوا في إيصال رجل مجهول من نوع سيدي و لد الشيخ عبد الله إلى الحكم . ولا شك أن لولد الشيخ عبد الله كل العذر في منحهم رتبة الجنرالية لأن انجازهم ـ بإيصاله للحكم ـ و بحق عمل "خارق" و جهد "جبار" .
ومباشرة بعد أن مكنهم من مفاصل الجيش ومنحهم رتب الجنرالية اكتشفوا" لؤم" ولد الشيخ عبد الله وفساده و حركوا فيالقهم البرلمانية و من ثم الكتيبة الرئاسية ، ليزيلوا صنيعتـهم .
غريب أمر جنرالاتنا دافعوا ـ حسب قولهم عن ولد الطائع ـ و اكتشفوا بعد سنتين أنه فاسد و جاءوا بولد محمد فال ليكتشفوا بعد سنتين أنه فاسد و كاذب و جاءوا بسيدي و اكتشفوا بعد سنة و ستة أشهر أنه فاسد و ضعيف .
ورغم كل هذه التجارب الفاشلة و الإخفاقات المتتالية يطالب قادتنا بحكم البلاد و العباد في الوقت الذي رأى فيه جوكوف و مونتغمري انجازاتهم واجبا ، ورضي أولهما بشقة و ساعة ذهبية وثانيهما بتقسيط فاتورة الكهرباء .
نشر في موقع تقدمي بتاريخ 13/4/2009
في سنة 1975 توفي في موسكو جورجي جوكوف ، و في يوم دفنه خرج الملايين من السوفييت يبكون بحرقة هذا الرجل الفذ الذي قدم لبلاده الكثير .
دخل الجندي جورجي جوكوف الجيش الروسي سنة 1915 كجندي في الوحدة 106 من سلاح الفرسان ، و دخل الحرب العالمية الأولى ليظهر من اليوم الأول شجاعة ملفتة و بسالة منقطعة النظير لتتم ترقيته بعد فترة و جيزة إلى ضابط صف و ليحصل و بكل جدارة على وسام سان جورج مرتين ، أحد أعلى الأوسمة في روسيا القيصرية .
بعد انطلاق الثورة البلشفية شارك ضابط الصف جوكوف في الحرب الأهلية الروسية بين عامي 1918 -1921 و انتقل في هذه الحرب إلى الفوج 1 فرسان الذي استطاع إخضاع تومبوف أحد أقوى المتمردين ضد الثورة ليحصل على الوسام الأحمر و ترقية رتبته مكافأة له على انجازاته.
بين سنتي 1938 و 1939 دخل الجيش الأحمر حربا غير معلنة على الحدود السوفيتية اليابانية و وصلت القوات اليابانية في هذه المعارك إلى 80 ألفا و 180 دبابة و 450 طائرة و في يوم 15 أغسطس 1938 استطاع جوكوف تطويق القوات اليابانية و القضاء عليـها و حصل على وسام بطل الاتحاد السوفييتي مكافئة له .
في سنة 1941 دخل الاتحاد السوفييتي الحرب العالمية الثانية ـ الحرب الوطنية العظمى كما يسميها السوفييت ـ وكان صاحبنا آن ذاك حصل على رتبة جنرال ليصبح مع بداية الحرب نائب القائد العام للأركان الماريشال بوريس شاباشينكوف و الذي كلفه سنة 1942 بالقتال في ستالينغراد و استطاع جوكوف ان يحقق نصرا على القوات الألمانية ليحصل للمرة الثانية على وسام بطل الاتحاد السوفيتي .
في سنة 1943 كلف جوكوف بالتخطيط لمعركة كورسك و توجه لقيادة المعركة قبل أيام قليلة من بدايتها و استطاع جوكوف أن يحقق نصرا كاسحا على القوات الألمانية و تعتبر معركة كورسك المعركة المفصلية في الحرب العالمية الثانية و أول هزيمة ساحقة للجيش الألماني ليكافأ للمرة الثالثة بوسام بطل الاتحاد السوفييتي .
استمر جوكوف في الانتقال من نصر إلى نصر فاستطاع فك الحصار عن لينينغراد بعد فشل الماريشال فوروشيلوف في انقاذ المدينة ، واستمر في قيادة الجبهة حتى استطاع دخول برلين عاصمة الرايخ و حضر توقيع استسلام ألمانيا كممثل للجيش الأحمر .
خرج جوكوف من الحرب و قد حصل على رتبة المارشال
و وسام بطل الاتحاد السوفييتي أربع مرات ، ووسام لينين ستة مرات و العديد من الأوسمة الأخرى كما أهداه الاتحاد السوفييتي ساعة ذهبية و شقة من غرفتين في حي راق من أحياء موسكو .
دخل برنارد مونتغمري المدرسة العسكرية الملكية سانت هيرست ، وهو في الرابعة عشر من العمر ، و تخرج من المدرسة العسكرية برتبة ملازم في الفرقة الملكية الأولى ، و أرسل للعمل في الهند حتى سنة 1913 .
و في شهر أغسطس 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى ليتم إرسال مونتغمري إلى الجبهة الفرنسية على خط النار ، ليصاب في المعارك الأولى بطلقة قناص في الرئة اليسرى ووصفت حالته بالميئوس منها ، إلا أنه تعافى بشكل تدريجي ليعود في 1916 إلى الجبهة الغربية كضابط في قيادة العمليات ، و بفضل توجيهاته و خططه التي أبدع فيها بالمزاوجة بين المشاة و المدفعية استطاع تحقيق انتصارات كبيرة أذهلت قائده المباشر الجنرال بليمر .
شارك صاحبنا في معركة ليز و معركة ليسن و حقق فيهما انتصارات مبهرة و كوفئ في نهاية الحرب بقيادة أركان الفرقة 47 مع ترقية رتبته كما شُرّف بأخذ صورة مع رئيس الوزراء في عرض عسكري بمناسبة هزيمة الألمان ،كما منح وسام النصر لقيادته الفعالة و الشجاعة .
بين الحربين العالميتين ألف مونتغمري العديد من الدراسات العسكرية لخص فيها الدروس المستقاة من الحرب ، كما تابع الدراسة العسكرية في كامبرلي ليتخرج الأول على دفعته في نهاية 1920 .
وتوجه بعد ذلك إلى كورك في ايرلندا و استطاع أن يحقق انتصارات على حركة الجيش الجمهوري الأيرلندي المتمردة .
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية قاد الفرقة الثالثة و استطاع الانسحاب باحترافية عالية من الهجوم الألماني الأول على بلجيكا و وصل إلى دنكرك ليسحب قواته بحرا إلى بريطانيا بخسائر قليلة .
سنة 1942 توجه مونتغمري إلى شمال إفريقيا كقائد للفرقة الثامنة ، وكانت مهمته الأساسية إيقاف الهجوم الألماني بقيادة مفخرة العسكرية الألمانية الفيلد مارشال أروين رومل ، وكان هدف الألمان هو الوصول إلى منابع النفط في العراق و إيران و السيطرة على قناة السويس أهم المعابر لنقل المؤن إلى قوات الحلفاء في شرق آسيا و التي تواجه الهجوم الياباني .
في31 أغسطس 1942 تقابل مونتغمري مع القوات الألمانية بقيادة رومل في منطقة الحلفا قرب العلمين شرق مصر و استطاع مونتغمري التصدي للهجوم الألماني و دفع قوات رومل للانسحاب نحو الغرب .
لم تتحمل القيادة الألمانية الصدمة و أعادت الكرة 23 أكتوبر 1942 في نفس المنطقة ، إلا أن مونتغمري استطاع تدمير قوات رومل في معركة استمرت 12 يوما وعرفت في التاريخ باسم معركة العلمين الثانية و انتهت بذلك أحلام هتلر بنفط الشرق الأوسط و بقناة السويس .
اثر هذه المعركة رقي صاحبنا إلى رتبة جنرال وشرف بوسام "فارس المغطس" أحد أرقى الأوسمة البريطانية .
كما لعب صاحبنا دورا كبيرا في التهيئة لمعركة مالطا تلك الجزيرة الصغيرة في البحر المتوسط و التي مكنت السيطرة عليها من حرمان دول المحور من الحركة في هذا البحر و بالتالي قطع الإمدادات عن ايطاليا الحليفة لهتلر و قطعت المؤن عن القوات الألمانية في شمال إفريقيا .
لم يكتف صاحبنا بهذا النصر بل عاد إلى بريطانيا لقيادة المجموعة 21 التي جمعت كل قوات الحلفاء البرية و بدأ التحضير للعملية "أوفر لورد " و المعروفة بعملية إنزال النورماندي.
وفعلا في يوم 6 يونيو 1944 بدأ الإنزال على النورماندي بحرا وجوا في ملحمة خالدة ، عرفت بأطول يوم في التاريخ ، و انتهت هذه المعركة بنصر للحلفاء أنهى تماما الوجود الألماني في فرنسا .
وعند عودته بريطانيا من الحرب وجد منزله مهدما من القصف الألماني و طلب من الدولة بنائه لأنه لا يملك المال ، إلا أن الدولة رفضت الطلب بحجة أنها لا تستطيع تحمل نفقات بناء البيوت المهدمة و أنه فرد من أفراد الشعب و عليه أن يتحمل ما تحمله الآخرون و أعرب مونتغمري لاحقا عن ندمه الشديد على هذا الطلب .
ويروي مونتغمري في مذكراته أنه قبل تقاعده بأيام فوجئ بفاتورة كهرباء كبيرة لا يستطيع تحملها فما كان منه إلا أن ارتدى بزته العسكرية و أوسمته و نياشينه و توجه إلى شركة الكهرباء ليطلب تقسيط الفاتورة على أشهر و قبل مسئول الشركة بعد مفاوضات شاقة تقسيط الفاتورة ، نظرا لتاريخ مونتغمري ، و يصف صاحبنا هذه الحادثة بآخر معركة في تاريخه العسكري .
هذه صفحات من كتاب التاريخ ، تاريخ العسكرية لشخصين تركا أثرا لا يمحى ، ماتا و عاشا يحققان الانتصارات و يحصدان المجد ، ويرضيان بالقليل .
ولكن السؤال لماذا نرى بعض عسكرنا رغم مستواهم المنخفض و تاريخهم الباهت ،يمنون على الشعب يمنة ويسرة و لا يرضيهم سوى أن يتملكوا كل شيئ ؟
ولننظر قليلا في هذه "الانجازات" .
فهم من قاد معركة الثامن من يونيو 2003 ـ و التي شهدت بأم عيني من قرب البنك المركزي مع الجماهير المحتشدة ـ كيف فروا من أرض المعركة لا يلون على شيء و شاهدت البنادق مرمية على قارعة الطريق ، و الجماهير تدخل الرئاسة لتحمل ما خف وزنه و غلا ثمنه و لم يبدأ القادة في القتال الفعلي إلا أن قرر الفرسان الانسحاب بعد أن اختفاء ولد الطائع الذي كان الهدف المحوري لخطتهم.
و أما انجازهم الثاني فهو إسقاط ولد الطائع ـ الذي زعموا أنهم دافعوا عنه قبل سنتين ـ و ماذا تغير حتى انقلبوا عليه ؟
لقد قرر معاوية إرسالهم للدفاع عن الوطن بعد عملية الجماعة السلفية في لمغيطي وهنا و بقدرة قادر أصبح ولد الطائع رجلا فاسدا و جلبوا أعلي ولد محمد فال .
أما الإنجاز الثالث الذي خاضه قادتنا فهو معركة تنصيب سيدي و ولد الشيخ عبد الله و لا شك في أنهم أبدعوا ، فلم يبقى شيخ قبيلة إلا واجبروه بالرشوة طورا و بالتهديد أطوارا و لم يتركوا رجل أعمال إلا و ابتزوه حتى أعطى و فرائصه ترتعد خوفا ، و استطاعوا بمناورة فذة استقطاب شخصيات من نوع مسعود ولد بلخير، و في النهاية نجحوا في إيصال رجل مجهول من نوع سيدي و لد الشيخ عبد الله إلى الحكم . ولا شك أن لولد الشيخ عبد الله كل العذر في منحهم رتبة الجنرالية لأن انجازهم ـ بإيصاله للحكم ـ و بحق عمل "خارق" و جهد "جبار" .
ومباشرة بعد أن مكنهم من مفاصل الجيش ومنحهم رتب الجنرالية اكتشفوا" لؤم" ولد الشيخ عبد الله وفساده و حركوا فيالقهم البرلمانية و من ثم الكتيبة الرئاسية ، ليزيلوا صنيعتـهم .
غريب أمر جنرالاتنا دافعوا ـ حسب قولهم عن ولد الطائع ـ و اكتشفوا بعد سنتين أنه فاسد و جاءوا بولد محمد فال ليكتشفوا بعد سنتين أنه فاسد و كاذب و جاءوا بسيدي و اكتشفوا بعد سنة و ستة أشهر أنه فاسد و ضعيف .
ورغم كل هذه التجارب الفاشلة و الإخفاقات المتتالية يطالب قادتنا بحكم البلاد و العباد في الوقت الذي رأى فيه جوكوف و مونتغمري انجازاتهم واجبا ، ورضي أولهما بشقة و ساعة ذهبية وثانيهما بتقسيط فاتورة الكهرباء .
نشر في موقع تقدمي بتاريخ 13/4/2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق